يومٌ تاريخيّ في «ذاكرة البحرينيّين العالقين في إيران».. وفي «أرشيف حكومة البحرين»

منامة بوست (خاص): وأخيرًا وصلت، بحمد الله تعالى، إلى البحرين، الدفعة الثانية من المواطنين البحرينيّين العالقين في إيران مساء 25 مارس/ آذار 2020، على متن خطوط «طيران كيش الإيرانيّة»، وبعد تعليق رحلة عودة أكثر من ستين مواطنًا ثلاث مرّات.

وصلت هذه الدفعة «الصغيرة»، ولا يزال أكثر من ألف مواطنٍ عالقين هناك، وصلت بكلّ سهولةٍ ويسر كمعجزةٍ أو حلمٍ طال انتظاره، حيث عاد الأحبّة إلى أحضان محبّيهم بعد طول انتظار، وبعدما «بلغت القلوب الحناجر، وكادت الأرواح أن تفارق أجسادها، في مشهدٍ مُفرحٍ لمن ذاق طعم الفراق الطويل، ومبكٍ لمن وطأ على جمر القلق والترقّب»، ولن «يهدأ بال المحبوب إلّا بعد أن تقرَّ عينه برؤية حبيبهُ مرّة أخرى، جسدًا تدبُّ فيه الروح، لا جُثةً بعيدة المنال عن التوديع، كما حدث مع المواطنين الخمسة الذين توفّوا هناك».

وصول هذه الدفعة بعد معركة حامية الوطيس، جدّد الآمال لدى الأهالي بإنهاء هذا الملفّ وغلقه نهائيًّا بعودة المئات من العالقين إلى أحضان موطنهم الذي اغتربوا عنه قسريًّا طيلة هذه المدّة، من دون تأخيرٍ أو مماطلةٍ، كما فعلت السلطات البحرينيّة لأسابيع، دفع ثمن آلامها العالقين وأهاليهم؛ فماذا يعني وصول هذه الدفعة وبهذه الكيفيّة من دون أيّ تعقيداتٍ تُذكر؟

نبدأ من نقطة اتفاق وزارة الصّحة البحرينيّة مع شركة «سياف لتأجير الطائرات والمُعدّات» لتنفيذ عمليّة إجلاء المواطنين العالقين في إيران، وعلمها بطبيعة عملها ومدى قدرتها «والتحدّيات التي واجهتها الشركة في ذلك»، والوزارة تعلم يقينًا خطأها الكبير في هذه الخطوة التي انتهت بإلغاء الاتفاق معها، للأسباب التي «تعلمها كما نعلمها نحن كذلك كصحيفة»، وستكون الوزارة مشكورة لو تكرّمت وكشفت الأسباب الحقيقيّة لإلغاء الاتفاق مع «شركة سياف» أمام الرأي العام من باب الجرأة والشفافية التي تدّعيها حكومة البحرين، أو على الأقلّ من باب «استرداد ثقة الناس المفقودة بها مرّة أخرى»، وبذلك توفّر علينا جهد كتابة تقريرٍ خاص عن هذا الأمر إن اقتضت الضرورة، ونكتفي بوصف هذا الاتفاق منذ بدايته بأنّه «كان مكابرة ومضيعة للوقت، لعدم امتلاك الشركة خطًّا جويًّا مع إيران من الأساس».

أفضى إلغاء هذا الاتفاق إلى نزول حكومة البحرين من أعلى شجرتها، والعودة إلى قبول العرض الإيرانيّ، وبالتأكيد، على مضض، بعد مماطلة وممانعة طويلة وبعد هروبٍ كبيرٍ إلى أحضان «شركة سياف المصريّة»، ونجدّد التذكير بمبادرة «طيران تابان الإيراني» وتقديمه عرضًا في وقتٍ سابقٍ لحكومة البحرين لكنّه قوبل بالصّد، كما فصّلنا في تقريرٍ سابق.

وبالفعل شهد يوم 25 مارس/ آذار 2020 «مشهدًا دراماتيكيًّا مفاجئًا وخارج السيناريو المتوقّع للجميع»، إذ تمّ فيه الاتفاق مع «طيران كيش الإيراني» في اليوم نفسه الذي تم فيه إلغاء الاتفاق مع «شركة سياف» والمفاجئ لها هي الأخرى، وقبل ساعاتٍ من إقلاع الرحلة التي لم تكن على لائحة جدول «مطار مشهد الدولي» من الأساس، ما يدلُّ على «قوّة القدرة الإيرانيّة على الاستنفار لتنسيق عمليّة الإجلاء دون تأخيرٍ أو تعقيداتٍ تُذكر»، وإبداء الشركة الإيرانيّة الاستعداد التام لتنفيذ إجلاءٍ كاملٍ للمواطنين العالقين عبر تشكيل جسرٍ جوّي لهذا الغرض، والذي تعلمه حكومة البحرين أيضًا خلال عقدها الاتفاق مع «طيران كيش». وبالرغم من هذا فهو ليس مبرّرًا كافيًا بكلّ الأحوال، لعدم تحريكها أسطول الناقلة الوطنيّة لشركة «طيران الخليج»، وهو ما تقتضيه الحكمة والعقل والمنطق.

إذن لا عقبات أمام عمليّة إجلاء بقيّة المواطنين العالقين في إيران، وخصوصًا بعد إعلان رئيس المجلس الأعلى للصحّة «محمّد عبد الله الخليفة» – وبحسب ما أكّدته وكالة أنباء البحرين الرسميّة «بنا»- أنّ الطاقة الاستيعابيّة لمراكز الفحص والحجر والعزل والعلاج تفوق بمراحل طاقة الإشغال الحاليّة، وبواقع »1667 سريرًا» بلغ عدد الإشغال منها «225» سريرًا فقط، كما أكّد أن الطاقة الاستيعابيّة لمراكز الحجر الصحي الاحترازي «2504 سريرًا»، وبلغ الإشغال منها لحدّ الآن «172 سريرًا»، ما يعني أنّ عدد الأسرّة يساوي ضعف العدد الكُلّي لجميع العالقين في إيران، والقدرة على استقبالهم أمرٌ «لا محال له».

🔴 عاجل | اللحظات الأولى لوصول المسافرين العالقين إلى مطار #البحرين الدولي
حمدًا لله تعالى على سلامتهم وعودتهم لأرض الوطن#Bahrain @BahrainAirport @MOH_Bahrain @bahdiplomatic#أعيدوا_العالقين_البحرينيين #كلنا_فريق_البحرين #معا_ضد_كورونا #كورونا #COVIDー1 pic.twitter.com/Y0xVPZhmd1

— Manama Post (@manamapostNP) March 25, 2020