الخليجيون في يوم القدس: كلا للتطبيع
لا تسير الشعوب الخليجية بهوى سفن ملوكها، ففي ظل معركة الوعي الخليجي، محاولة سحب كل ما يتعلق بفلسطين – حتى اسمها – من ذاكرة كل خليجي لم تُؤتِ أُكلها. فحين تحلّل الإمارات لنفسها التطبيع مع عدو الأمّة، وتفتح البحرين أبوابها للصهاينة وتقفل أبواب سجونها على رموز المعارضة وسجناء الرأي، وحين تقبض السلطات السعودية على معتمرٍ بتهمة دعائه في بيت الله الحرام بتحرير المسجد الأقصى، تدرك حينها أنّ معركة الوعي محتدمة في الخليج، حيث يصبح القابض على “فلسطين” كالقابض على الجمر .. -إحياء يوم القدس في الخليج جرت العادة في دول الخليج أن تشارك الطوائف والمذاهب والتيارات الدينية والسياسية المختلفة في هذه المناسبة، لكونها مناسبة مترفّعة عن كل الخلافات التفصيلية الأخرى التي يقع فيها المشاركون ذاتهم في مواضع أخرى. وتتنوّع مظاهر إحياء هذا اليوم بين دولة خليجية وأخرى، فيخرج البحرينيون والقطيفيّون في مسيرات حاشدة تُقمع أو يُحاسب المشاركون فيها غالبًا، ويحيي العمانيون والكوتيّون المناسبة في أماكن مغلقة مُعلنٍ عنها دون تخوّفات، بينما تغيب الإمارات عن المشهد لا لقلة ناصري القضية فيها، بل خشيةً من سيف السّلطان.-حرجٌ في إحياء المناسبة في الخليج… لماذا ؟سؤال من ضمن جملة من الاستفهامات المطروحة تحت وطأة واقعٍ أمنيٍّ قاسٍ يلاحق مُحيي يوم القدس، فلا رادع أمام بطش الأظمة وقمعها، ولا حصانة تحيط بالخليجي المناصر لفلسطين وقضيتها… وهنا، نذكر تاريخًا متخمًا بقمع فعاليات متعلّقة بفلسطين، قضيّة العرب والمسلمين المركزيّة.فالسعوديون لم تغب عن ذاكرتهم بعد حادثة “حي المسورة” بالعوامية في العام 2017، حين قرر شباب الحراك إحياء يوم القدس بمسيرة رمزية ، فكان الرد الأمني سريعًا: هاجمت مدرّعات “حي المسورة” المحاصر ردًّا على الحراك الذي قام به الشباب في “حي الديرة” إحياءً ليوم القدس العالمي.كما لم ينسَ البحرينيون الشهيد محمد جمعة الذي قُتِل في أبريل 2002 أثناء مشاركته في تظاهرة أمام السفارة الأمريكية مناهضةً لتصريحات السفير الأميركي في البحرين آنذاك رونالد نيومان الذي عدّ قتلى الاحتلال الاسرائيلي جديرين بوقفة حداد من قبل البحرينيين!-مخاطِر مُضافة، ومقاومةٌ أشد21 عامًا على واقعة قتل الشهيد محمد جمعة، لم يكترث النظام البحريني لِحَقّ دمه المسفوك، ولا لجراح من كانوا معه في المظاهرة، أو على الأقلّ لرفض البحرينيين القاطع لتقبّل الاحتلال لا جملة ولا تفصيلًا، واستمرّ في خطواته التطبيعية السريّة والعلنية حتى توّجها جهارًا في توقيعه لاتفاقيات أبراهام في سبتمبر 2020.بعد توقيع الاتفاقية، والجهر بالخيانة، لا بدّ أن مخاطر نصرتك لفلسطين في البحرين تضاعفت، فمَن سفك دماء مناصري القضية عندما كان يحبو سرًّا نحو مستنقع التطبيع، لن يجد حرجًا في سفك أضعافها بعدما أباح التعامل مع الكيان المحتلّ، كما أن عقوبة النصرة ستكون أشد لو علمنا أن “الأمن” الصهيوني بات كالسرطان المستشري في جسد البلاد، وفي هيكليات مؤسساتها الوزارية والأمنية… وسيسيطر، على الأسلوب في محاسبة إقامة مسيرات إحياء يوم القدس التي يحرّكها مُواطنون عُزّل، ولكن المحصّلة كما المقدمة: هوى شعوب الخليج عكس ما تشتيه سفن الملوك.
– لمتابعة جميع حساباتِنا