نفاق الإنسانية وجوهكم مُقنَّعة مزيَّفة
قناة البحرين – صوت الشعب
منذُ إندلاع حرب روسيا وأوكرانيا والجميع يرصد ما يحدث في العالم من تغيرات وتقلبات في مختلف المجالات، إقتصادية وغيرها، ويُراقب كل مستجد يخص هاتين الدولتين من عقوبات، ودمار، وفرار المدنيين بحثًا عن ملاجئ آمنة تقيهم شر هذه الحرب، والعدسة كان تركيزها على الأخير، تبحثُ عن إنسانية العالم الذي أبهرنا لحد الوجع، وزكّمَ بِنفاقه أُنوف الشرفاء ممن لا يملكون إلا ثوب إنسانية واحد، ولا يملكون إلا وجهًا واحدًا لا قناع عليه، يتألمون على ما يحدث في العالم دون تمييز ولا تفرقة، وينصرون الإنسانية من أقصى العالم حتى أقصاه، ويُدينون العدوان على الشعوب المضطهدة أينما كانوا، و لا تنتفض إنسانيتهم على الإنسان المظلوم والبريء لأجل لون عينيه وشعره، ولا لمذهبه وطائفته، بل تُزمجر قلوبهم غضبًا لأجل كل دمٍ يُسفك ظُلمًا وجورا، ولكل روحٍ تُقتَل بلا جُرم، ولكل مواطن يفر من براثن الحرب ويبحث عن ملجأٍ آمن، وعلى من شردهُ العدو المحتل وسلبهُ منزله وأرضهُ وحقوقه.
اليوم تعرَّت الإنسانية الحقة من ثوبها الأصيل، وعرفنا إنسانية أخرى دخيلة علينا وعلى ديننا وأخلاقنا. إنسانية تنفجع وتثور وتغضب ليس نصرةً لمظلومٍ ظُلِم، وسُفِكَ دمهُ وقُتِل دون جُرم، ولا على منظر هروب الشعوب من سياسات أنظمتهم التي أقحمت بلادهم في حروب مُدمرة بحثًا عن ملاذ آمن، بل لأجل العيون الزرقاء، والشعر الأشقر! وكأنما الله حرَّمَ قتل هذه الفئة وحلَّلهُ على غيرها.
وما يؤلم أكثر هو تباكي إنسانية من لهم ثقل في المجتمعات، من رجال دين على إختلاف مذاهبهم كشيخ الأزهر وغيره، هؤلاء من كانوا صامتين عن مآسي الشعوب المظلومة في العالم، وكأنهم كانوا غارقين في غيبوبة طويلة، وأفاقوا منها اليوم على وقع حرب روسيا وأوكرانيا التي لم تبلغ إلا إسبوعها الأول.
- أين إنسانيتكم عن إغاثة شعب فلسطين الذي يعيش منذُ أكثر من 70 عامًا تحت الإحتلال الصهيوني الغاشم؟ وقد امتلأت ملاجئ العالم بالفلسطينيين المنفيين قسرًا، والفارين من الحرب بعد استيلاء الصهاينة على منازلهم وأراضيهم، وتعبت المقابر وهي تضم رفات أطفالهم وشبابهم وكهولهم، واختنقت أنفاس سجونهم بالنساء والرجال كبيرهم وصغيرهم.
حتى الشقر ذوي العيون الزرقاء منهم لم يحرّكوا فيكم ساكنا؟! - سبع سنوات والشعب اليمني المظلوم ينام تحت الأنقاض، وعلى أصوات صواريخ العدوان الغاشم الظالم العبثي السعودي الإماراتي الصهيو-أمريكي، بلا إغاثات تدخل لهم، ولا ملاجئ آمنة تحتضن رعبهم، ولا صوت ينصفهم ويُطالب الأعداء بوقف الحرب العبثية عنهم.
- أحد عشر عامًا وبنو شعب البحرين بين منفي وهارب باحثًا عن لجوء سياسي آمن يقيه من قبضة النظام لأنهُ ضحية تعذيب وأحكام جائرة بقضايا كيدية، وسجون ممتلئة عن بكرة أبيها بخيرة شبابنا، من الطبيب، المهندس، الطالب، رجل دين، المحامي، الصحفي، والحقوقي، والرموز العِظام، ولم يسلم من السجن نسائهم ولا حتى أطفالهم. ولشعب البحرين شباب حُكِموا ظُلمًا بالإعدام في سجون البحرين والسعودية، منهم من قضى نحبه، ومنهم من يُصارعون الوقت لا يعلمون متى يُعدمون، والشعب يعيش تحت وطأة قمع النظام وسطوته التي انتهكت كل حقوق الإنسان ومطالبه المشروعة. وقد أقحمَ النظام مؤخرًا البحرين تحت الإحتلال الصهويني، وما سمعنا لإنسانيتكم صوتًا ينصف ظلاماتهم التي لا تُعد ولا تُحصى.
- باكستان والعراق والهند زرعت أمريكا دواعشها ألغامًا تُفجّر المقدسات وتقتل عشرات الأرواح البريئة من أطفال وشباب وكهول، والعالم صامت بإنسانيتهُ المُزيَّفة، يتفرج ويُصفق للإرهاب.
- سوريا تبعثر شعبُها في الملاجئ، ويطلقون بدل النداء، نداءات إستغاثة وما من مُغيث لهم، ولا عين تبكيهم، ولا قلبٍ عليهم يتوجع، فعن أيّ إنسانية تتحدثون؟!
- مجاعات تجتاح أفريقيا والصومال والدول الفقيرة، ومآسٍ وكوارث إنسانية مدمرة يشيب لها الرأس، ولكن لا تراهم أعينكم لأنهم لا يملكون أعين زرقاء، ولا شعر أشقر فما لكم كيف تحكمون؟! وأيّ دين تعتنقون؟! أفرّق الإسلام في إغاثة الإنسان ونصرة المظلوم على أساس لونه، وعرقه، وطائفته، ودينه؟! ماكان الإسلام عنصريًّا يومًا، وماكانت الإنسانية كذلك، أنتم من إبتدعتم عنصرية إنسانيتكم، ونزعتم ثوب أخلاق وإنسانية الإسلام ولبستم قناعًا لم يعرفه الإسلام.
واقع مؤلم نعيشهُ في هذا العالم الذي يكيلُ بمكيالين، لا إنصاف ولا إنسانية فيه…