الهدوء العاصف زين الدين
قناة البحرين – صوت الشعب
“نحنُ هنا موقفنا موقف صلاة وجهاد ودفاع”
أحد عشر شهرًا كان يضمر هذه الجملة التي اختزلت كل وجوده في ساحة نينوى، وعندما تتأمل في ملامحه الهادئة وتقاسيمه في الصور التي نُشرَت له في ساحة الفداء، لا تتوقع أن يكون بالشكل الذي كان عليه في الهجوم الأخير على ساحة الفداء الذي قطع فيهِ تذكرة سفره إلى عالم الملكوت مع قافلة العشق.
هو ابن الدار التي تضم ابن قاسم، في ديار الوطن وقائد الروح، يعمل بصمت وصوت كالحسيس بالكاد يُسمَع، فهو مصداقُ العاملِ لوجه الله الذي لا يبحث عن الظهور، ويُفضّل العمل خلف الكواليس أزكى لنفسه، لا تشهد عليه سوى العيون التي تراهُ في محافل الحياة، وعين الله.
هو حفيد الخطيب الحسيني والشاعر ملا علي ابن الملا ناصر زين الدين أحد خدّام المنابر في البحرين، وهذا النسب يكشف لنا عن التزامه الديني، وتربيته الحسينية، فيرى نفسهُ مسؤولًا عن تكاليف شرعية لا تهاون فيها
ورغم أنَّ الشهيد محمد كاظم متزوج ولديه أطفال ويملك شهادة جامعية وعملًا مستقرًّا، ولكن لم تكن هذه الحياة هي التي يُريدها، ولم يكن يرى هذا المقام مستقرًّا له، لأنَّهُ آمن أن قيمة الإنسان في ما يعطيه وما يفعله، لا في ما يقوله، فاختار حياة الجهاد والفداء، ورأى فيه خير الاستقرار وأدومه، فكانت أنفاسهُ كربلائية، وعزيمتهُ حسينية، وشموخهُ قاسميًّا، ونبضهُ مهدويًّا، وعمرهُ مُمهدًا عاملًا فدائيًّا، فتأصّل حُب القائد في كل ذرة منه، وما كان يرى روحهُ وأطفالهُ وزوجته وعائلته أغلى من الدين ورمز الطائفة آية الله قاسم، بل كان يراها رخيصة في سبيل الحق وسبيل الله، وتستحق هذه التضحية، فأيتم العيال كي يرى الله، وترك لأمه رائحة عطره الأخير حين ضمّها في ليلته الأخيرة مودعًا إيّاها دون رجعة، وفي يوم النصرة وقف بأقدام ثابتة ما تزلزلت، فكان هو لها.
ساحة الفداء هدفهُ السامي، بنى نفسهُ مشروع شهادة ليومٍ عظيم كان ينتظره، ما تزحزح من طرقات هذه الساحة طوال الإعتصام، وما غادرها إلا يوم الارتقاء مع ركب الشهداء السعداء.
فرَش الساعات التي بقت من عمره عند الباب الأخير، حاملًا روحه على كتفه، كان يرى تكليفهُ الشرعي أن يحمي من خلف هذا الباب وإن كلفهُ دمَه..
وعدَ فكان خير الأوفياء، استقبل زخات الرصاص بصدره لا بظهره، فكان مقبلًا على الشهادة لا مدبرًا، و كان أول من عطّر بدمه ساحة الفداء..
لم تسمح قوات الإجرام بنقله للمستشفى، فتركوهُ يعالج طلعة الروح على تلك الأرض التي وُلِد عليها ومات على ترابها ببصيرة ووعي، الأرض التي شهدت على الأجساد المضرجة بالدماء، كان فدائيًا لا تفيه السطور ولا الكلمات حقه.
فسلامٌ عليك يوم ولدت، ويوم استشهدت، ويوم تُبعثُ حيّا.
🔷 لمتابعة حساباتنا👇🏻