العصـفُور دِرعُ القيادات وفداءُ الفَـقيه
قناة البحرين-صوت الشعب
وجهٌ سمح الملامح، هادئ الطباع، عميق السر، كان يرى نفسهُ مسؤولًا عن حراسة الشيخ علي سلمان وحمايته، وهنا كانت بدايته معه، وما كان يحب أن تصطادهُ عدسة أحد، لأنهُ لا يُريد أن يُعتقل لسبب تافه، أو بسبب صورة، وبكى كما الطفل عندما غيّبَه الطغاة في غياهب السجن، ولكن لم ينل هذا الأمر من عزيمته الثائرة الفدائية، بل نذر حياته للشهادة لا لشيء آخر، وعاش لأجل الوصول لها…
لا يختلف عن الشهيد زين الدين من حيث الاستقرار العائلي والوظيفي والمادي، وماكان يرى الحياة الفانية إلا محطةً ينتقل منها حتى يصل للمحطة الأخيرة.
ومشروع الشهادة كان يراهُ قريب التحقيق بعد إسقاط جنسية القائد آية الله قاسم، حيثُ أمسك الخيط الأول ليبدأ خياطة كفنه، فالقائد وباب داره شغلهُ الشاغل، لا يُفارق درجات بيت القائد إلا مُرغمًا وقت عمله، ويعود بلهفة العاشق بعد إنتهاء العمل.
لن أغادر هذا الباب إلا جثة هامدة.
هي نهاية البداية التي كان يكررها دائمًا لوالدته، وزوجته واخته الأقرب له، كان يُحاول أن يكثر من الغياب عن أطفاله حتى يعتادوا على غيابه لا حضوره، لأنهُ قرر مصيرهُ المحتوم وختام حياته، إما مشروع شهادة أو اعتقال لا ثالث لهما، رغم أن عائلته لم تكن ذات علاقة وطيدة بالسياسة، بعكسه هو الذي كان يكتم هذه العلاقة بالصمت، ويُبرهن تعلقهُ بها بالعمل، رسم خطهُ الصعودي للسماء من أمام بيت القائد، ولم يكن قوله بأنهُ راحل وسيغيب وأن لا بقاءَ طويل له في الحياة عبثًا، ولا قوله بأنهُ سيستشهد في ملحمة كربلائية درازية قاسمية اعتباطًا، بل واقعًا كأنهُ يقرأه من كتاب ينطق بالحق.
كانت ليلة السفر الذي لا عودة منه ليلة مناجاة ودعاء، وكان آية الله قاسم راية تخفق في القلوب، فيهيج الدم في العروق، وتضطرم نار العاشقين المنتظرين لحظة الفداء، وكانت روحهُ تتأرجح بين السماء والأرض، فاختار السماء، ووقف وجهًا لوجه مع المرتزق المدجج بالسلاح، لم يهتز طرفه ولم يرتجف منهم أبدا، زمجر كالأسد الغاضب في وجهوههم وطردهم من ساحة الفداء لأن لا أحد لهم هنا فليرحلوا، ولكن هو الذي رحل بعد أن أفرغوا حقدهم في صدره، لم يفر بل وقف مُعانقًا رصاص الخلود..
أبلغ القائد سلامه، وعرجَ كالطير نحو دار الفوز العظيم.
فأيُّ العظماء أنتم يا شهداء الفداء؟! تعجز حروف اللغات عن وصفكم يا أنصار دين الله، وأنصار قائد الحق قاسم.
🔷 لمتابعة حساباتنا👇🏻