أبَـا سَامي…أوَصَلتك أنفاسُ الفدائيّين الوالهين؟!
قناة البحرين – صوت الشعب
الثامنةُ مساءً من يوم الاثنين ليلة الثالث والعشرين من مايو/أيّار 2022، قرعت القلوب طبول الفداء وتجديد العهد، وعزفت ترانيم الفدائيين الوالهين، الملبين لنداء ساحة الفداء وقائدها…
إنّا هنا، في طُرُقاتٍ حنينُها مُختلف، وخفقات القلب لم تكن تلك التي نعرفها، كأني بالجدران تتفرس في ملامحنا، تستذكر من كان يستند عليها، وتستمع لصدى أحاديثهم وأمنياتهم التضحويّة، وتلك الأبواب المشرّعة على مصراعيها كأني بها تُرحب مُجددًا بحماة حسين زمانها، كل زاوية بها حنينٌ وأنين، كنتُ أشعر بأنَّ كل هذه الجموع ترى ما أراه، وتسمعُ ما أسمعه، وحتى أحاسيسنا المضطربة كانت واحدة.
كنا نحمل أبا سامي على الأكتاف، وترفعهُ الأكف عاليًا شامخا، فكان لكل صورة حكايةٌ ورسالة، تلك اليافطات المحمولة كانت تُترجم ما في قلوبنا من شوق الانتظار الذي ألهب أرواحنا، وقرّح أجفاننا، وأذابَ مُهجنا، وطال انتظارنا لعودة الوطن الذي تغربنا بغربته، فكلما اقتربنا من ساحة الفداء بقرب بيت القائد تحديدًا، ارتعشت قلوبنا كالطير المذبوح، كانت الأرض تُبَكّينا وترابُها، الشجر والأبواب وحتى الهواء كان يُشعلنا جمرة حارقة، فكانت دمعاتنا ممزوجة بمشاعر متناقضة، بين حنين للروح البعيدة القريبة، الساكنة فينا، وبين الحسرة على غيابه الطويل بسبب قومٍ ظالمين ما عرفوا حق قدره، والغصةِ على أننا لم نكن مع قافلة الفدائيين، كانت هذه الطعنة الأكثر وجعًا، إنما كل ما في تلك الساحة والدار موجع.
كانت الكلمات الصاخبة التي كان يصدح بها الفدائي المجهول بصوته المبحوح المختنق بالدموع، تُحاكي آهاتنا، خارت قوة بعض شبابنا المقاوم عندما وصلنا عند باب دار الفقيه حتى خروا على الأرض ينتحبون نحيب الوالهين، وكان للحرائر نصيب من هذا النحيب، كل المشاعر اختلطت علينا، ورأينا المشاهد الدموية المفجعة، وسمعنا صدى الليالي الجميلة، والتكبير والشعارات الحماسية، واستشعرنا تلك الروحانية ذاتها التي كانت ساعات الاعتصام مليئة بها.
كانت القبضات، والحناجر صادقة الوعد، فدائية العهد، ولو عاد هذا الامتحان مجددًا، لعدنا للفداء، ما تقدمنا كي نتراجع، وما سقطت الدماء لنتهاون، باقون على العهد إنّا، وماضون على ذات النهج، فالقائد يعني وجودنا، هويتنا، وطنيتنا، ولائنا، رمز طائفتنا، عقيدتنا، ديننا، و أروحنا، والدماء حقنا، عزتنا، فخرنا وانتصارنا.
اليوم وقفنا كأول وقفة كنّاها هاهنا، وبالفخر والعزّة ذاتها، ولكن اشتياقنا ليس كما كان، بل إن صدورنا كهذا الكون مزدحمة بالاشتياق…
أبا سامي؛ أما وصلتك حرارة أنفاسنا الوالهة؟! أما سمعت خفقات قلوبنا؟! أما رأيت دموعنا؟! أهلكنا الحنين، وأرهقنا الظمأ، وأثقل الاستيحاش أرواحنا، فمتى تعود ليعود أُنسنا؟! ومتى نرتوي من مَعينك؟! قد طال انتظارنا وما زادنا إلا ثباتًا ويقينًا بأن أسبابنا هي الحق، وأنت عينها، وعهدنا معك، عهدٌ لم ولن ينقطع، وتجارتنا مع الله ومعك لا بوار فيها، يا أبانا؛ يا أَيُّهَا الْعَزِيز؛ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا بِبعدك الضُّرُّ فاتصَدَّقْ عَلَيْنَا بعودتك البهيّة.
🔷 لمتابعة حساباتنا👇🏻