بين الفقير والسيارة..حِكاية وجع
قناة البحرين – صوت الشعب
بالأمس القريب كان أحد الوزراء يستكثر على الفقير المُتعفف في هذا البلد أن يكون مالك سيارةٍ تقضي حاجاته، ولكنَّهُ لم يفكّر أن يسأل هذا المواطن كيف استطاع أن يؤمنها؟ وماذا يحمل على عاتقه من ثقل مُرهق يُداريه بصمت يكاد لا يسمع حسيسَ أنينهِ أحد.
رجلٌ خطت الأوجاع والهموم تجاعيدها على وجهه وكفَّيه، والمشيب أكل سواد شعره، الجزء الجميل الذي يُحسد عليهِ هذا الرجل فقير المال غني الكرامة وعزة النفس، هو امتلاكهُ سيارة، ولكن الجزء القاسي والمُبكي الذي يُغمض أمثال هذا الوزير عينيه عنه أنَّ هذه السيارة وسيلة تأخذهُ لمكان يبحث فيهِ عن طعام يسد رمق جوعه، وهذا المكان هو حاويات القمامة!!
وجع لا يصل لعمقه وقسوته أحد، ولا يستطيع أن يصف شعور هذا الرجل وإنكساره بهذا المشهد أحد، مواطن بحريني أصيل عفيف، يعيش بوطن يملأ خيرُه بطون الأغراب، ويأوي المتعثرين منهم، ويبني المدارس والمستشفيات خارج البحرين، وعذاري ما نال منها المواطن إلا العطش، والأجنبي ترويه حدَّ التخمة..
هكذا يعيش؟ وهكذا اضطرهُ الحال أن يؤمن قوت يومه؟ مُعيب جدًا وعار على كل صاحب منصب لم يرحم لا شباب ولا شيّاب الوطن.
صورة من بين عشرات الصور الموجعة المدفونة في أرض تغذت بالكرامة وعزة النفس، لماذا لا تراها عين هذا الوزير؟! أم السعة في الصدر والغنى في سيارة يملكها الفقير هو ما شغل وزراء البلد والحاكم المُعظّم؟!
في نظرهم المواطن الذي يملك سيارة لا يحتاج لمأوى يأويه عن حر الصيف وبرد الشتاء ويسترهُ وعائلته عن أعين الناس ولسعة الشفقة، ولا كسوة تحفظ ماء وجهه، ولا مأكل ومشرب يُشبعه ويرويه، ولا كرامة تُصان وعزة نفس تُحفَظ؟! وكأنها عصا سحرية تؤمن له كل احتياجاته!! عقلية متخمةٌ بالظلم والجور.
لا أظن بأنَّ هناك إنسان يملك ذرةً من الإنسانية والأخلاق والفطرة السليمة لا يتألم ويبكي لهذا المشهد الذي كنا نراهُ في الأفلام التي تُجسِد الأحياء الفقيرة وما يُعانيه ساكنوها، وكانت تُبكينا وجعًا عليهم، وللأسف بتنا نراهُ بِكثرة أمام أعيننا على أرض أوال، ولكن لا يهتز جفن لا للنظام البحريني المُعظّم الغارق في عجلة تسليم الوطن للإحتلال الصهيوني، ولا للوزراء المزعومين بصون الوطن وحقوق المواطن، وكلاهما شركاء في هلاك المواطن وضياع الوطن.
🔷 لمتابعة حساباتنا👇🏻