بندر بن سلطان : مهندس العلاقات الإسرائيلية السعودية..
قناة البحرين – صوت الشعب
قي مقال له، بتاريخ الثاني عشر من يوليو الجاري، يروي يوسي ميلمان، الكاتب المتخصص بالشؤون الأمنية في صحيفة “هآرتس” العبرية، قصة العلاقات بين السعودية والكيان الصهيوني، والتي كان عرّابها رئيس جهاز الاستخبارات السعودي السابق بندر بن سلطان، واصفًا في استهلال مقاله :” الحقيقة المجردة هي أن الشخص الذي يستحق التقدير الكامل للتقارب بين البلدين الرياض والقدس في الواقع سعوديان الأمير بندر بن سلطان.”
بندر،حسب المقال، كان قد تلقى تدريباً وتأهيلاً في القوات الجوية البريطانية والأميركية، في شبابه في العام 1977، كونه طياراً مقاتلاً نجا من حادث تحطم. بعد ذلك، وغادر إلى الولايات المتحدة ودرس في جامعة “جونز هوبكنز”، وفي العام 1983 تم تعيينه سفيراً للسعودية في واشنطن. وهناك أيضاً بدأ بشكل تدريجي في إقامة علاقات مع “إسرائيل”.
تاريخ طويل من العمالة والتطبيع :
ووصف المقال بأن العلاقة لم تكن سهلة لممانعة المملكة الوهابية التي تمنع اليهود دخول أراضيها ، ولفت الكاتب إلى أن بداية التدخل السعودي في محاولات إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي تعود إلى العام 2002، عندما تم تقديم “مبادرة السلام العربية”. في الممارسة العملية. في وقت مبكر من العام 1981، بدأت عندما بادر ولي العهد فهد (الذي أصبح ملكاً بعد عام) إلى خطة سلام بين الكيان المحتل والدول العربية. الخطة، التي تبنتها جامعة الدول العربية بعد عام، تتكون من ثماني نقاط، أهمها: الانسحاب الكامل لـ”إسرائيل” من جميع الأراضي المحتلة عام 1967، والاعتراف بحق عودة الفلسطينيين أو دفع تعويضات لمن لا ريد العودة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، وحرية العبادة من جميع الأديان في الحرم القدسي، وتفكيك جميع المستوطنات. تم رفض الخطة من قبل رئيس الوزراء مناحيم بيغن، ولكن كانت هناك عدة ابتكارات، أهمها: الاعتراف الفعلي بـ “إسرائيل” داخل حدود 4 حزيران/يونيو 1967 وإلغاء “اللاءات الثلاثة” لمؤتمر الخرطوم في آب/أغسطس 1967 (لا اعتراف ولا مفاوضات ولا سلام).
فيما أكدّ ميلمان بأن “خطة فهد ” هي الخطة الأساس لتسريع العلاقات السعودية الصهيونية بمبادرة من الأمير بندر، الذي عُيِّن سفيرًا في الولايات المتحدة بعد حوالي عامين، موضحًا أن اللقاء الأول لبندر مع مسؤول صهيوني كبير، رئيس “الموساد” شفتاي شافيت، حصل في النصف الأول من التسعينات، بعد حرب الخليج الأولى وانتخاب إسحاق رابين رئيسًا للحكومة الصهيونية.
حتى تاريخ كتابة هذه السطور..:
” حتى ليوم، لمدة 30 سنة، التقى رؤساء الموساد واثنان على الأقل من رؤساء الحكومة، إيهود أولمرت وبنيامين نتنياهو، بمسؤولين سعوديين، ولكن ليس مع الملك نفسه.”
يشير مقال ميلمان إلى أن اللقاءات تلك حدثت على الأراضي السعودية نفسها. وكالعادة، رئيس الموساد يرافقه بمثل هذه الاجتماعات رئيس وحدة “تيفل”، قسم العلاقات الخارجية بالموساد، أو على الأقل رئيس البعثة في البلد الذي يُعقد فيه الاجتماع. يمكن الافتراض أنّ رئيس الموساد الحالي دافيد برنيع التقى مع السعوديين.
بعد شافيت، التقى إفرايم هاليفي ومئير داغان مع الأمير بندر. في ولاية الأخير، روجت المملكة العربية السعودية، بقيادة ولي العهد (والملك لاحقاً) عبد الله، لمبادرة السلام العربية السالفة الذكر. المبادرة كررت فعلاً “خطة فهد”، لكنها وسعتها أيضاً بدعمها لأول مرة تطبيع العلاقات مع الكيان الاسرائيلي. تمت الموافقة على هذه المبادرة أيضاً من قبل جامعة الدول العربية، ما دفع العلاقات السرية آنذاك هو ثلاث قضايا لا تزال تشكل حجر الزاوية في العلاقات الإسرائيلية السعودية حتى يومنا هذا:
– الخوف المشترك من برنامج إيران النووي
– سعي إيران للهيمنة الإقليمية
– والرغبة السعودية في تجهيز نفسها بتكنولوجيا وأسلحة متطورة من إنتاج “إسرائيل”
بخطوات سريّة وعلنية، يده تلوّثت بكل ما حدث في الشرق الأوسط :
“لحظة تاريخية أخرى ساعدت في توطيد العلاقات أكثر حصلت في عام 2005، مع انتهاء فترة ولاية بندر في واشنطن وتعيينه رئيسًا لمجلس الأمن القومي السعودي. في عام 2012، تم تعيينه أيضًا رئيسًا للاستخبارات الوطنية وشغل المنصبين بالتناوب حتى عام 2015. خلال هذه الفترة، شارك بخطوات دبلوماسية علنية وسرية حول العديد من القضايا في الشرق الأوسط المتعلقة بإيران، لبنان، الحرب الأهلية في سوريا والتدخل الروسي، وبالطبع “إسرائيل” والفلسطينيين”.
ويضيف : الأمير، والبيت الملكي السعودي كله، اعتبروا منذ ذلك الحين (منذ محادثات بندر مع دغان ولاحقًا اجتماعه مع أولمرت في عمان) الجمهورية الإسلامية ودعمها للشيعة في البحرين، العراق، سوريا ولبنان على أنها التهديد الأكبر عليهم. لهذا السبب، هم شجعوا “إسرائيل” للعمل بمختلف الوسائل الموجودة بحوزتها لإحباط البرنامج النووي.
دعوة للتطبيع:
ويؤكد يوسي ميلمان أنه في المحادثات السرية في جدة، اقترح بندر أن يحضر وزير الخارجية الفيصل ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في أيلول/ سبتمبر 2014 إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وبحضور جميع وزراء الخارجية العرب، والموافقة على خارطة الطريق، التي تؤدي إلى تسوية سلام وعلاقات دبلوماسية كاملة وتطبيع بين الكيان الصهيوني ومعظم الدول العربية. ولأن الاجتماع كان مطولًا، أمر بعودة الوفد الصهيوني.
وبحسب مقال ميلمان، فقد سافر نتنياهو مرتين بنفسه إلى أوروبا للاستماع شخصيًا من بندر عن تفاصيل الاقتراح، وفي نهاية الاجتماعات، أبلغ الأمير السعودي أن الشخص الذي سيدير الاتصالات من قبله سيكون مبعوثه الشخصي، المحامي إسحاق مولخو.
لكن الأيام مرت ولم يحدث شيء. شعر نتنياهو بالبرودة، حيث أرسل الاقتراح مع مولخو، وضاعت فرصة تاريخية أخرى لتسوية إقليمية. شعر بندر بالاحباط وقال بازدراء للرجل الذي التقى به “هو (نتنياهو) يظن نفسه أنه تشرشل، لكنه ليس تشرشل. لا يمكنه أن يكذب على كل الناس طوال الوقت”. وعليه، قطع العلاقات مع “إسرائيل” وفي عام 2015 تقاعد بعد أن ترك مهامه وتحول الحكم الى الملك الجديد سلمان.
ماذا بعد محمد بن سلمان؟
يضيف ميلمان :”بعد دخول بن سلمان الساحة، استمرت العلاقات السعودية الصهيونية في الازدهار من خلال الموساد، واجتمع مع نتنياهو، كوهين ومع رئيس مجلس الأمن القومي، مئير بن شبات. في أحد الاجتماعات الذي نشرته “إسرائيل” بشكل علني رغم عدم رغبة ولي العهد، سافر الثلاثة الى مدينة الاستجمام نيوم الواقعة في شمال غرب المملكة على شواطئ البحر الأحمر البحر. يمكن الافتراض أن ضباطًا كبارًا في الجيش الصهيوني، بمن فيهم رئيس الأركان آنذاك غادي إيزنكوت، شوهدوا أيضًا برفقة مسؤولين سعوديين”.
الكفّ السعودية على اجهزة سيبرانية صهيونية :
“اليوم أيضًا، نفس القضايا والاهتمامات هي في قلب الاتصالات على محور تل أبيب – الرياض: تبادل تقديرات سياسية، تبادل معلومات استخباراتية، صراعات مشتركة ضد إيران، حزب الله، سوريا، حماس، القاعدة وداعش. السعودية تشتري أكثر فأكثر معدات أمنية وتكنولوجية وأدوات سيبرانية واستخبارية من الكيان الصهيوني، بما في ذلك برنامج التجسس “بيغاسوس” التابع لشركة NSO. في الآونة الأخيرة، كانت هناك تقارير متزايدة عن أن السعودية تدرس شراء أنظمة دفاع جوي من الكيان الصهيوني”.
صفقات أسلحة ومئات المسافرين ما بين السعودية والكيان:
” قال وزير الأمن بني غانتس قبل أيام في لقاء مع المراسلين العسكريين إنّه في العامين الماضيين وقّعت شركات إسرائيلية ووزارة الأمن صفقات أسلحة وصادرات عسكرية مع دول سنية (لا تشمل الأردن ومصر) بقيمة 3 مليارات دولار. يمكن الافتراض أنّ جزءاً كبيراً من هذا المبلغ هو سعودي. في الوقت نفسه، هناك أيضاً تسارع في الأعمال المدنية والتعاون في صناعات الزراعة والمياه والمعدات الطبية والتكنولوجيا الفائقة. يسافر مئات الإسرائيليين من حاملي الجنسية الأجنبية بحرية إلى المملكة العربية السعودية في الأشهر الأخيرة، وتمر طائرات مدنية في طريقها من وإلى “إسرائيل” عبر مجالها الجوي.”
ماذا عن زيارة بايدن؟
” سيسعى بايدن، خلال زيارته للشرق الأوسط، لصياغة اتفاق للتعاون الإقليمي مع “إسرائيل” والسعودية ودول الخليج ومصر والأردن والعراق، للحماية من الصواريخ والطائرات الإيرانية المسيرة. إلى جانب كل الجدية التي ستصاحب الزيارة، من المهم التأكيد على أنّه حتى لو تم التوصّل إلى مسودة خطة، فلن يكون تحالفاً دفاعياً رسمياً، طالما أنّه لا يوجد تقدم في التسوية السياسية مع الفلسطينيين. وطالما سلمان هو الملك.”
🔷 لمتابعة حساباتنا👇🏻