البرلمان البحريني: مستشارون مرتزقة ورئيس مأمور… والمحركُ ديوانٌ ملكيّ
قناة البحرين_صوت الشعب
في البحرين، ثمة صفةٌ مشتركة تطغى على ممارسات النظام وأزلامه، و”مرتزقته” كذلك. إنّها الوقاحة!! تلك التي لا تقتصر عليها الانتهاكات الحقوقية، بل إنّ السياسة ملعبٌ خصبٌ لها كذلك. مجلس النواب مثالٌ بارز على هذا، فقد طالعَنا بحادثةٍ أثبتت من جديد أحقية مواقف تيارات المعارضة، وأهمّها ذاك الذي أطلقه الشيخ علي سلمان في البرلمان عام 2008، معترضًا على ابتداع رئيس مجلس النواب السابق خليفة الظهراني، هيئة مستشارين قانونيين، بقرار منفرد. لم تنتفِ هذه الهيئة مع تبدّل البرلمانات، بل تكرّس دورها، وفي الجلسة الأخيرة، يوم 31/01/2023، تدخّل أحد أعضائها بكلّ جرأةٍ ليُملي أوامره على رئيس المجلس أحمد المسلّم بشطب عبارة “الكيان الصهيوني” في مداخلة للنائب محمود الصالح، من المضبطة. فماهية الهيئة هذه؟ وما السرّ وراء تشكيلها؟ وما مدى قانونيتها؟ بكلّ وضوحٍ وشفافية، هي هيئة كيدية، اختلقها الظهراني لتمرير ما يشاء بسلاسة، بعد فشله بذلك مع حصول جمعية الوفاق على مقعدَين في هيئة مكتب مجلس النواب في انتخابات العام 2006. ولم يقف حينها الشيخ علي سلمان مكتوف الأيدي، بل اعترض على الشائبة القانونية هذه، في رسالة قال فيها للظهراني، إنّ: “قراركم بتشكيل هيئة المستشارين القانونيين جدير بالرجوع عنه وعدم الاستمرار فيه؛ لأنّه يمثل وصمة غير صالحة البقاء في تاريخ الحياة البرلمانية، ولا تؤسس لمجلس تشريعي يماثل ما عليه المجالس التشريعية في الديمقراطيات العريقة”، إلا أنّ تخاذل كتلتَي “المنبر الإسلامي- إخوان مسلمون” و”الأصالة/ سلفيون” وتقاصعهما عن نصرة الحق والقانون، حالا دون النجاح في تعطيل هذه الخطوة. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الشائبة القانونية هذه مُررت دون سند من اللائحة الداخلية، ولا من قانون مجلسي الشورى والنواب، ولا من أي قانون آخر. وما يزيد الطين بِلة، إعطاء هذه الهيئة صلاحيات موسعة في كل شؤون الجلسات والمضابط وتسيير العمل داخل المجلس، حتى صارت جهة تشريع لا شرعية لها، تقرّر الصحيح والخطأ، مصادرةً جانبا مهمًّا من مساحة عمل اللجان، كيف لا وقد ابتُدعت بالتنسيق مع الديوان الملكي!! مع رحيل الظهراني من منصبه، ومجيء برلمان 2014 تعمّق دور الهيئة وتكثّف، ساعد على ذلك وصول شخصيات ضعيفة جدًا لمنصب رئاسة مجلس النواب، وهو ما حصل إبان ولاية أحمد الملا، وبعده فاقدة الأهلية فوزية زينل، إذ كان تحكم المستشارين بالجلسات خلال ترؤسها صارخًا بل مُحرجًا في بعض الأحيان. ولم يتغيّر الوضع مع مجيء أحمد المسلّم، فهو كغيره دمية يحركّها المستشارون حسب رغبات الديوان الملكي وأهوائه، وهو ما حدث في الجلسة الأخيرة، حيث أملى المستشار المصري أمين إبراهيم عبد الحليم توجيهه للمسلّم لاتخاذ قرار بشطب كلام النائب الصالح، علمًا أنه حضر كبديلٍ لرئيس الهيئة صالح الغثيث، إذ لم يحضر الأخير، بسبب إشغاله ما لا يقل عن أربع إلى خمس وظائف. إنّ الهيئة هذه ما هي إلا عصا في عجلات العملية التشريعية، تلك التي لا شرعية لها أصلًا بسبب مقاطعتها من قبل فئة كبيرة من الشعب البحريني، فضلًا عن كون أعضائها من الأجانب، فالغثيث عراقي من الموصل، والبقية من مصر، كلهم مرتزقةٌ موجّهون من الديوان الملكي، صلاحياتهم لا تستند لدستور ولا للائحة ولا لقانون. ليس هذا فحسب بل إنّ النواب الممتعضين الذين اعترض بعضهم على التدخّل السّافر للمستشار، كونه أجنبيٌّ يتحكم بمقررات المجلس، هم أنفسهم ليسوا قادرين على التأثير قيد أنملة، وهم الذين ترشحوا للانتخابات النيابية رغم تحذيرات أطلقها آية الله عيسى قاسم، حيث نبّه إلى أنّهم لن يكونوا سوى أدوات تنفيذية للسلطة الحاكمة. فأيّ مجلس هو هذا، وأي نوابٍ هم هؤلاء؟ وهم عاجزون، ليس عن التشريع فحسب، بل عن تثبيت عبارةٍ من كلمتَين، شطبها رئيس المجلس بإيماءٍ بسيطٍ من مستشار مرتزق؟
-لمتابعة جميع حساباتِنا: