رجل الحرب يحاضر عن السلام !!!
يا ملكَ البلاد، ورجل الحرب المحاضر عن السلام .. ذات فجرٍ ثار شعبي نابتةً بكفّيه حقولَ ورد، شبّك الصّفوف وولّفها بعرائش السّلام تحت قِباب اللّآلئ على أمل وحلم ” إحلال السلام وإرساء دعائم الاستقرار”، فقوبِل وردُنا المنتثر بين كفوفنا بالرصاص متناثرًا على الأجساد، المهشِّم للرؤوس، الفاجِّ للجماجم، الفاقئ للعيون… قوبِلت سلميّتي يا ملك السلام بالمقصلة، وعُلِّقت حول رقبتي الحِبال، وثقبت قلبي رصاصاتٌ أربع.. وتفجّرت لي رؤوس.. زِندايَ منقوشٌ عليهِما طبعةُ قيد، وظهري ملوّنٌ بالخطوط المتشابكة، وجسدي يرشح ألوانًا كألوان الشفق.. سعى شعبي، وضحّى شعبي، ولطالما كان شعبي مثالًا للتعايش والتسامح، تحت راية قائدٍ بثقل الوطن نفَيتموه، ورجالاتٍ بوزن الكرامة حوصِروا بجدارنٍ رماديّة خشنة عجوز… فشكرًا من شعبي لهم وحدهم، ونحن يا ملك البلاد، وبائع البلاد، وجلّاد البلاد، حملنا السِّلم جهارًا فحملتم علينا السلاح، وبعتم وطننا لسفّاح، وعلّقتم أحلامَنا على مشانقَ عند الفجر.. لطالما كان وطني مقـ ـاوِمًا، مجـ ـاهِدًا، مغمورًا بالأحلام الوردية، ولطالما أردنا الدِّيار كما عنته لفظة “الدِّيار”.. لا أن نُلفَظ عنه كالغرباء، وتُفتَّت فيه لحومُنا وعِظامُنا.. وأردتم وطننا مستعمرةً للشراذم العتاة، مستوطنةً للشتات الصهيـ ـوني المتطرّف المدنّس، ولايةً تحملُ الرّقم ” اثنين وخمسين”.. ومرتعًا للبرابرة المتغطرسين الطّاحِنين للعظام.. يا مُحاضِر السلام عِشنا سلامَكُم، فلا سلامَ عليكم وعلى السوط المسلّط، وعلى الرصاص الأبيض الموشّح بسلامكم المنهمرِ على بلادي، وعلى مليون رأسٍ مفجوجٍ من بنيها..
لمتابعة حساباتنا