هُو العِكـرِيُّ.. وكَفى..
قناة البحرين-صوت الشعب
الطفلُ الآخر بعد مصطفى محمد، شهداء الفداء متشابهون رغم إختلافهم، يتّصفون بالحنان والعزم وهدوء النفس وسماحة الوجه وبراءة الملامح وجمال المبسم، روح الفداء جمعتهم، وعشق الشهادة أجنّهم، الشهيد محمد العكري الذي رأيناهُ واقفًا صفًا بصف مع الشهيد محمد حمدان بعد استشهاد مصطفى، كلاهما المحمّدان كان لهما حديث صامت بلغة العيون مع صورة فاتح عهد الفدائيين، وكأنهما تعاهدا على الإلتحاق بمصطفى بشرط عدم التأخر عنه، فالحبيب دائمًا يشتاق إلى حبيبه..
كانوا لمثل هذا الفداء والفوز يتسابقون، ولكن أرهقهم وجع الفارق بين عروج مصطفى، فكان القرار أن يغيب الخمسة أقمار في المُحاق في اليوم ذاته، وبفارق سويعات لا أكثر، حتى لا يستشعر أحدهم المرارة التي تجرعوها طوال أيام الإنتظار.
الشهيد محمد العكري الذي رفض أن يركع لغير الله، وقف كالطوفان الغاضب في وجه الجيوش الظالمة، لم يستسلم لهم قيد أنملة، وأبى إلا أن يموت وقوفًا، محامٍ عن دينه ووجوده المتمثل بآية الله قاسم، فكان وحدَه كالكتيبة بأكملها، ما كان يشعر بالإستيحاش، بل من يرى تقاسيم وجهه الطفولي لا يرى إلا الأُنس.
كان يُخيّر نفسه بين عامه الدراسي الأخير ويتخرج بشهادة دنيوية أم أن يكون عند الباب الأخير ويتخرج منه بشهادة أخروية؟!
فاختار الأمنية الأخيرة، اختار أن يلبس الكفن، ووسام الشهادة يُزيّن صدره، فكان هذا الباب هو الفاصل بين حياة الفناء، وحياة البقاء، قدّم نفسهُ أُضحية وفدية تحفظ القائد من شر الأشرار…
رأى نبض أمه المرتعش الذي كان يتوجس خيفة من لحظة الانفجاع، هو قلب الأم الذي لا يخدعه إحساسه، وكان يرى بأن لزامًا عليه تأدية تكليفه الشرعي ليكون على قدر من المسؤولية التي تربى عليها، ويرد جميل والديه بأن يقر أعينهم بشهادته، ويُبقي رأسهم مرفوعًا كما كان دائمًا، أهناك أعظم من هذا الجميل وهذه الرفعة؟!
كلما تأملت في وجهه القمري، أراني أبكيه بابتسامة ملؤها الحسرة والغصة على أنني لم أكن بين هذه الكوكبة، وأعطيتهم وصيتي، وزرعتني غصن في قبر الفدائي الأول، وسألتهُ بحق الزهراء أن يُسقيني من فكره، وفكر خير الأصحاب، وأن يحملوني بين الأكف دعاء إلى الله كي أصل لما وصلوا إليه، فالعهد يتجدد، ومطلبي من صغار الشهداء والكبار يتجدد بتوهج لا ينطفئ أبدا.
فاليوم يومكم يا شهداء الفداء، واليوم يوم تجديد العهود، وما عهدنا مع القائد إلا عهدكم، عهد الفدائيين، فانتظرونا، ونحنُ من المنتظرون.
🔷 لمتابعة حساباتنا👇🏻