” حقوق الإنسان “
قناة البحرين – صوت الشعب
أضحت شعارًا يتشدّق به كل من غمست لقمته بالدماء
بعدما كانت صرخةً تصدع من حناجر الأحرار والمقاومـ ـين المندّدين بالانتهاكات والاضطهاد، أضحت “حقوق الإنسان” شعارًا يتشدّق به ويتبجّح كل مَن غُمست لقمته بدماء المستضعفين والمحرومين. وفي حينِ يقبع المئات في زنازين دولته، متكلّفين عناء الجلدات والحرمان والتضييق، وفي جوّ إتمام أحد الكِبار من أكاديميي هذا الوطن المكلوم عامًا بالتّمام من إضرابه المفتوح عن الطّعام مطالبًا بإرجاع أبحاثه التي بذل فيها-رغم العذابات الجسدية والنفسية والآلام الجسيمة التي يعاني منها إثر الحرمان من العلاج- سنواتٍ طِوال مريرة، يلتقي وزير خارجية البحرين عبداللطيف الزياني بأحد وزراء بريطانيا، اللورد طارق أحمد، الممثل الخاص لرئيس الوزراء ووزير جنوب آسيا والأمم المتحدة والكومنولث في وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية بالمملكة المتحدة، بمناسبة مشاركته في مؤتمر حرية الدين أو المعتقد الذي يُعقد في العاصمة البريطانية لندن.
على هامش المؤتمر أكّد الطّرفان، الزياني وأحمد، في لقائهما على “مواصلة الجهود المشتركة لتعزيز التعاون القائم بين البلدين في مجال حماية حقوق الإنسان، وتعزيز قيم التسامح والتعايش بين أصحاب الديانات والمعتقدات، وفي كافة المجالات التي من شأنها ترسيخ الحريات العامة” حسبما أورد موقع وزارة الخارجية البحرينيّة.
على ما يُعنى بالمشارِكَين تؤخذ المآخذ، فالزّيّاني، وزير خارجية البلاد الذي كان يدين الاعتداءات الصهيونية “الصارخة”-حسب تعبيره- على الأراضي المصرية وقطاع غزّة في اغسطس عام 2011، والذي حمل همّ المنطقة على عاتقه وأشار في منتدى حوار المنامة المعقود في 3 ديسمبر من العام 2020 إلى أن تطبيع العلاقات مع الكيان الصّهيوني المحتل قد يغيّر قواعد اللعبة، قاصِدًا حاجة دول المنطقة إلى رادع أمني لمواجهة التحديات المحيطة بها، ثمّ ارتمى بعد عامين بتاريخ الثامن والعشرين من شهر مارس عام 2022 بأحضان الصّهاينة وصافحهم وعقد معهم المؤتمرات واللقاءات وشارك بحواراتهم هو وشرذمة من مبعوثي الدول العربية المطبّعة، والذي أقرّت وزارته، في 21 فبراير 2020، بعد استلامه كرسي وزارة الخارجية بأيام في 11 فبراير 2020، منع المواطنين السفر إلى عدد من الدول بينها إيران بحجة تفشي فيروس كورونا ليتّضح بعدها أن كورونا لم تكن سوى مسمار جحا وشمّاعة تُعلَّق عليها الحجج لمنع المواطنين البحرينيين السفر لزيارة العتبات المقدسة في إيران، ثم شرع اليوم يناقش بحرّيات الرأي والدين والمعتقد ويشارك بمؤتمرات عالمية في العاصمة البريطانية لندن، مصافح الصهاينة الناهبين للأراضي الفلسطينية والمعتدين على مقدسات المسلمين والمسيحيين والقامعين والسافكين لدماء العرب والفلسطينيين منذ ما يزيد عن ثلاثة وسبعين عامًا، وقامع حريات شعبه في السفر للزيارات الدينية، بات كالعاهرة المحاضرة عن الشرف يحاضر بحقوق الإنسان وحريات الدين والمعتقد..
وعن اللورد طارق أحمد ذي المناصب المرموقة التي تتالت وتوالت منذ عام 2011، حتى استلم منصب الممثل الخاص لرئيس الوزراء بمنع العنف الجنسي في حالات النزاع (والتي لطالما تعرّض له معتقلو البحرين ضمنهم رموز المعارضة والحقوقيين) والذي يتنصّب حاليا منصب وزير الدولة البريطاني لشؤون شمال افريقيا وجنوب ووسط آسيا والكومونولث والأمم المتحدة، فقد اعتبر موقع Middle East Eye في تقرير له في يونيو المنصرم بأن اللورد أحمد قد أهمل حالة الدكتور عبدالجليل السنكيس وفشل في إثارة قضايا حقوق الإنسان في البحرين بعد أن كُشِف بأنه لم يثر القضايا الخطيرة لانتهاكات حقوق الإنسان خلال زيارته للبحرين، التي التقى خلالها ملك البلاد حمد بن عيسى آل خليفة ووزير الخارجية ورؤساء هيئات الرقابة على حقوق الانسان، والتي كانت تعتبر أول زيارة له للبحرين كجزء من حقيبته الحقوقية.
كُشِف – كما بيّنت وزيرة آسيا والشرق الأوسط أماندا ميلينج- لاحقًا على يد وحدات حقوق المعلومات التابعة لـ FCDO في رد بتاريخ 14 يونيو الفائت ” أنّ مكتب الكومنولث الأجنبي والتنمية (FCDO) ليس لديه سجلات تفيد بأن اللورد أحمد أثار قضية لسنكيس أو قضية أي شخص آخر مسجون في البحرين كحسن مشيمع، والشيخ علي سلمان، ومحمد رمضان، وحسين موسى، وناجي فتيل، وعلي الحاجي، ودعاء الوداعي. وستة أطفال رهن الاحتجاز التعسفي ” ( قبل أن يتم الإفراج عن خمسةٍ منهم مؤخرًا)، رغم أن الاسماء هذه جميعها، ومن بينهم قادة المعارضة، والمتظاهرين البارزين عام 2011، والمدافعين عن حقوق الإنسان، تمت تسميتهم جميعًا في رسالة بتاريخ 14 فبراير أرسلها خمسة نواب وأقران إلى اللورد أحمد، بينما كان لا يزال في البحرين، ما يحثه على رفع الحالات.
وقد أوضح Middle East Eye في التقرير المذكور مستخلصًا أن ذاك الأمر كله لم يكن سوى لعبة لعبتها الحكومة البحرينية والحكومة البريطانية الممثلة باللورد احمد، فهم لا يهتمون بأمور المعتقيلن والقضايا الإنسانية بل كل همهم مصالحهم التجارية والاقتصادية، وكما أوضحت عائلة الدكتور عبدالجليل السنكيس في التقرير، فإن 11 عامًا قد مروا من أن أدانت المملكة المتحدة إدانته،” لكن كل ما نراه الآن هو صمت يصمّ الآذان ..”
أساليب الحكومتين الملتوية والمقنّعة بقناعٍ أبيضٍ برّاق لا تمرّ مرور السّحاب السريع إلا وتنكشف أمام الملأ، فحمامات السلام المدرّعة والمشحونة بالمدافع، والموائد المفروشة على بساطٍ أحمر من دماء المضطهدين، والكفوف المتصافحة التي تُطحن بينها عظام الشعوب المستضعفة، والتعرّضات التي يتعرّض لها معتقلو البحرين السياسيين بشكل عام من حرمانٍ يطال الصعد كافة من بينها الحرمان من إحياء الشعائر الدينية (التي تعد حرية دين ومعتقد!) وقمعٍ وانتهاك للحقوق بأبسطها كالعلاج والدواء والطعام والتشمّس… وما يقاسيه الدكتور عبدالجليل السنكيس خاصةً كنموذج صارخ من نماذج العنف والاضطهاد تجاه المعتقلين، بعد إتمامه عامًا من الاضراب عن الطعام، وما تعرّض له أثناء الاعتقال من تعنيف جسدي ونفسي قاسٍ، وما بعد الاعتقال من حرمان من العلاج اللازم لرجله المصابة ومنع دعامات عكازيه عنه ( إذ يعاني من متلازمة تالية لشلل الاطفال وحالة عضلية هيكلية)، وأخيرًا الامتناع عن إعادة أبحاثه وتقديم العلاجات المناسبة لوضعه الصحي الذي يتردّى مع تقدّم الأيام.. فأين حقوق الإنسان التي يُزعم حرص الحكومتين عليها؟ وأين موقعية لقاء الزياني بأحمد الأخير في ظل كل تلك الانتهاكات الطائلة لحقوق المعتقلين السياسيين المهمّشة والمُهمَلة؟
🔷 لمتابعة حساباتنا👇🏻